غرام
(( كبار الشخصيات ))
عدد المساهمات : 331 السٌّمعَة الشخصيه للعضو : 0 المزاج : عال لعال
| موضوع: عادة السرقه عند الاطفال الإثنين نوفمبر 16, 2009 1:19 am | |
| ان السرقة عند الأطفال ظاهرة تستوجب المعالجة، فمن غير المقبول أن يقدم الطفل على السرقة ويتحول لديه هذا الفعل إلى عادة مستهجنة ومتجذرة في شخصيته، بل لا بد من العمل على اصلاحه ووضعه على جادة الصواب. ومعالجة مثل هذه الخصلة تستوجب مراعاة الجوانب التالية:
1 ـ دراسة العلل والأسباب: وهي الخطوة الأولى في الإصلاح، إذ لا بد من تقصي الدوافع والأسباب التي تحدو بالمرء إلى ارتكاب السرقة، وهذا ما يوجب على أولي الأمر والمربين القاء نظرة على الفترة الماضية من حياة الطفل وملاحظة ما عرض خلالها من حرمان وقلق واضطراب وعلاقات ومواقف عاطفية، وما هي الظروف التي مر بها، والقدوات التي تأثر بها في حياته، وما هي المخلفات التي تركتها مثل تلك القدوات في ذهنه. والغرض المنشود من وراء كل هذا هو السعي لمعالجة هذا العيب الأخلاقي من نفس الطريق الذي نشأ منه.
2 ـ سد النواقص المادية: النقطة الأخرى المهمة في هذا المجال هي وجوب توفير الحد الأدنى من الحاجات المادية للطفل، سواء كانت هي السبب في نشوء عادة السرقة أم لا، وذلك لاحتمال أن يكون دافع السرقة أمراً آخر. فإذا ما عولج يبقى عامل الحرمان سبباً في اثارة هذا الفعل من جديد. ان فرض الرقابة المشددة على تناول المواد الغذائية وما يترتب على هذا الفرض من شعور بالحرمان، وابعاد الأشياء التي يحبها الطفل عن متناول يده تعتبر كلها بمثابة تحريض له على ارتكاب هذا الفعل فمن الأفضل إذن إشباع حاجات الطفل من جميع الجوانب. 3 ـ اشباعه بالعطف والحنان: هنالك تأكيد واضح على ضرورة مؤانسة الطفل وأن يغمره أبواه بالعطف والحنان. ولابد أيضاً من وضع حد لا يتجاوزه لكيلا تكون له جرأة عليهما، وأن يحترم رأيهما. إن القرب من الطفل يسهل على أولي أمره استشعار حاجاته، وفهم أفكاره، والاطلاع على ما يقع فيه من منزلقات كما ان وجود الاحترام يساعد على أن يكون أكثر انصياعاً لكلامكم. علّموه عدم الاتيان بعمل يقلل من مكانته لديكم. 4 ـ الاصلاح النفسي: في الحالات التي يكون النقص الأخلاقي وسوء السلوك منبثقاً من عوامل نفسية، فلابد من الإسراع لاصلاحها، والتعرف على العقد التي يعاني منها، ومن هم الأشخاص الذين يرغب بالانتقام منهم؟ وما هو سبب اضطراباته؟ وما هي الهواجس التي تدفعه لارتكاب هذا العمل. ذكرنا ان التظاهر، والتمرد، والاحتجاج على الأوضاع السائدة يدفع المرء في بعض الحالات إلى مثل هذا المنزلق. أما إذا أتيح لنا الكشف عن الأسباب الكامنة وراءها لأضحى من اليسير توفير مستلزمات الاصلاح والهداية، ونتمكن من ردعه عن ارتكاب السرقة من خلال ابداء المزيد من المحبة له، وتقديم الأدلة المنطقية التي يفهمها للتدليل على قبح هذا الفعل. 5 ـ توفير الأجواء الايجابية: يعتبر توفير الأجواء الايجابية والسلمية حقاً من الحقوق التربوية لكل طفل. فليس من الصحيح أن يتربى الطفل في أجواء تطفح بالجريمة والاستهانة بالقانون، والاعتداء على حقوق الآخرين، ولا من المناسب أن يترعرع في أسرة تمارس الجريمة. لا بدّ إذن من تطهير ذهن الطفل من النماذج السيئة، والمُثُل القبيحة، ووسائل الإعلام لا بد وأن تخضع لتقييم جديد ورقابة صارمة بحيث لا تنعكس عنها بشكل مباشر أو غير مباشر نماذج تربوية قبيحة، وعلى المربين وأولي الأمر أن يكونوا أنفسهم قدوات صالحة ليقتدي بها الطفل نحو الاصلاح والصلاح. 6 ـ التوعية: وغالباً ما تهدف إلى تعريف الطفل بخطئه بلغة بسيطة ومنطق مفهوم، وذلك عن طريق التنبيه إلى أن مثل هذا العمل لا يرتضيه أفراد أسرته ولا سائر الناس، وان الله يغضب منه، وقد وضع له عقوبة قاسية. ويمكن في هذا السياق أن نشرح له كيف ان حياة الناس تغدو صعبة إذا تفشت فيها ظاهرة السرقة وصار كل واحد يسرق مال الآخر، وكم سيلحق بنا من الضرر نحن شخصياً إذا ما تعرضنا للسرقة وذهبت أموالنا. ويجب أن يفهم الطفل من خلال ايحاءاتكم المتكررة له أن السرقة ليست طريقاً صحيحاً في الحياة. وإذا اتسع هذا الفعل وصار يقترفه الناس فلن يكون من اليسير عليهم مواصلة الحياة بشكل طبيعي. وعلى العموم من المفيد بيان مضار السرقة للطفل بين فترة وأخرى. 7 ـ التعويد على عزة النفس: صحيح اننا قد لا نستطيع توفير جميع احتياجات الأطفال في جميع الأحوال، إلا أننا قادرين على أن نشرح لهم بعض الصعوبات والمشاكل التي تواجهنا، ومن المؤكد ان الطفل يفهم معنى الكلام ويتماشى معنا في مثل هذه الحالة. بالامكان تعليم الأطفال على عزة النفس، وتربيتهم على الطباع الحميدة، ورفع مستواهم الفكري، وخلق شخصية قوية فيهم. فإذا عجز أحدنا عن توفير المأكل الجيد لهم في جميع الأحوال، يمكنه على أقل الاحتمالات أن يعودهم على عزة النفس ومناعة الطبع. الفنون اللازمة في هذا المجال: يمكن توظيف الكثير من الفنون والأساليب لأجل اصلاح السلوك المنحرف لدى الطفل، وهي على العموم نفس الأساليب المتبعة في جميع المجالات التربوية لاصلاح الأفراد، وما يمكن اضافته إليها ها هنا يتمثل في ما يلي: 1 ـ ضبطه حال التلبس بالسرقة: عند التيقن من سرقة الطفل وتقديم الارشادات والنصائح الكافية له في هذا المجال، وعدم التزامه بها، ومعاودة ارتكابها يمكن حينها مراقبته لضبطه متلبساً بالسرقة ومكاشفته بحقيقة عمله، على أن لا يكون الهدف فضحه أو التشهير به بقدر ما يكون الغرض أن يفهم بأنه قد ضبط وهو يمارس بحيث تكون النتيجة من وراء هذا بناءة. ويمكن الاشارة إلى أنه قد شوهد وهو يسرق وان لن يُفضح أمره إذا امتنع عن تكرار ذلك. 2 ـ اظهار الأسف: بامكان أحد الأبوين أن يعلن للطفل عن شدة أسفه لقيامه بأخذ النقود مثلاً من الحقيبة أو من أي موضع آخر بلا أن يخبر أحدهما بحاجته. ويجب أن يقترن مثل هذا العمل بالروية والتأني بلا غضب أو انفعال. ومثل هذا الموقف له تأثير شديد على من يتطاول على السرقة للمرة الأولى. ان حدود الاحترام القائمة بين الطفل ووالديه، والتعبير له عن أسفهما لمثل هذا التصرف يعيده إلى طريق الرشاد ويجدي في تقويم سلوكه. 3 ـ اعادة المسروق: على أولياء الأمور والمربين الالتفات إلى ما يأتي به الطفل إلى البيت، ومن أين جاء بهذا القلم أو الدفتر؟ وبأية نقود اشتراهما وهل ادعاؤه أن صديقي أعطانيه، صحيح أم لا؟ يمكن في بعض الحالات أن يقال للطفل تعال نذهب إلى بيت صديقك لنلاحظ لماذا أعطاه هذا الدفتر مثلاً. والغرض من هذا ارغامه على اعادة ما أخذ إلى صاحبه وليفهم أيضاً انه تحت الرقابة الدائمة، ومُعرّض للاستجواب. قد يحصل أحياناً أن يؤكد الطفل على أن هذا الدفتر له لكن أولياءه يعلمون انه لصديقه، في مثل هذه الحالة يبادر ذووه إلى تسليم الدفتر لصديقه أمام ناظريه. 4 ـ فرض الغرامة: حينما يعلم أولياء أمر الطفل انه قد سرق من جيوبهم نقوداً، واشترى بها مثلاً بعض المرطبات أو لعبة، من غير إذنهم، فإذا تكرر منه هذا العمل يمكن التصرف بالصورة التالية: 1 ـ تحديد الشيء الذي اشتراه. 2 ـ ارغامه على اعادة ذلك الشيء وارجاع نقوده لموضعها الأول. 3 ـ يستقطع المبلغ المسروق من يوميته. 4 ـ وفي نفس الوقت يحذر بأنه سيدفع ثمن عمله هذا غالياً. وفي كل الأحوال يبدو بيان قبح هذا الفعل وخطأ هذا التصرف عاملاً فاعلاً في الردع. والطريق الأمثل في كل الأحوال هو التعامل مع هذه العادات بروية وبعيداً عن الغضب. 5 ـ الوعظ والنصيحة: إن النصائح كثيرة الفائدة وهذا هو موضعها المناسب، أما إذا تكرر نفس الفعل بالرغم من توفير احتياجاته ومستلزماته وتهيئة الأجواء الايجابية في تربيته والتعبير عن السخط على تصرفه ولم يبدِ أي استعداد للكف عن هذه العادة. لابد حينذاك من اتباع طريق النصح المشفوع بالتخويف.على الجميع أن يوضحوا للطفل ضرورة الاستقامة في حياته وأن لا يسرق، ويلتزم الطريق الصحيح وان هذا من صلب واجبه في الحياة، أما إذا شاء التخلي عن هذا الواجب فما عليه إلا أن يتمل عواقبه المريرة، إذ سيفتضح أمره أمام الناس وينال العقوبة الإلهية. 6 ـ العقوبة والمجازاة: نحن نعلم أن الطفل غير البالغ ليس مسؤولا تماما، ولكن يمكن أن يعزز وعندما تفشل جميع الاجراءات المبذولة من قبل أولياء الأمور والمربين، ولا تفلح النصائح والارشادات والتحذيرات، وحينما تصبح الرقابة مجرد اضاعة للوقت، يتوجب حينها اتباع أسلوب العقوبة والمجازاة. · بداية الاصلاح: يجب الوقوف منذ البداية بوجه السرقات الصغيرة، وتفهيم الطفل بقبح عمله ومقابلته بوجه عبوس لغرض ارغامه على الكف عن هذا العمل. لقد ظهر من خلال الدراسات أن التساهل ازاء مثل هذا الأمر يخلق الكثير من المتاعب، والطفل إذا لم يتم اصلاحه في هذا السن يغدو من الصعب اصلاحه في ما بعد. وإذا تطاول في الصغر على مال الغير لابد من توعيته إلى عدم جواز أخذ ما ليس له ووجوب اعادته إلى مالكه، بل ويجب أيضاً الامساك بيده وأخذه إلى موضع السرقة واعادة المسروق إلى مكانه أو إلى صاحبه. والحقيقة ان التأخير في الاصلاح يخلف نتائج غير سارة تتعمق جذورها تدريجياً حتى تتحول إلى خصلة متأصلة فيه وهو ما أشرنا إليه بالمثل المعروف بأن سارق البيضة اليوم يسرق في الغد جملاً. فليس من السهولة على الشخص الذي طُبع على عادة قبيحة، واستساغ طعم الانحراف، أن يكف عن ذلك عاجلاً. · ملاحظات للأهل: وفي نهاية المطاف نود لفت نظر الوالدين الكريمين إلى عدة نقاط في هذا المجال تتلخص في ما يلي:
1 ـ إذا حصل يقين بقيام الطفل بالسرقة، فلا داعي للاكتفاء بالاستفسار هل سرقت المبلغ الفلاني أم لا؟ لأنه سيقوم أيضاً بارتكاب سرقة أخرى وينكرها، بل يجب في مثل هذا الموقف اتخاذ اجراء حازم وقاطع. 2 ـ السعي إلى عدم فضحه والنيل من كرامته والاستهانة به أمام الآخرين، لأن هذا التصرف ينطوي على مضاعفات أكبر. 3 ـ إذا وجد انه يستحق العقوبة، فلابد من تطبيقها ولكن بعد العديد من التنبيهات والارشادات وينبغي أيضاً أن لا تكون قاسية وتؤدي به إلى التفكير بالانتقام. بل الأفضل أولاً السعي جهد الامكان لإصلاحه بالأساليب الايجابية والنصيحة والارشاد وما شابه ذلك، إلا إذا كان في مرحلة المراهقة أو البلوغ، فحينها يكون له حكم آخر.
4 ـ الاحتفاظ برباطة الجأش، وعدم خلط الحسابات مع بعضها. فإذا كسر الطفل إناءً وأراد والده توبيخه لا ينبغي له خلط الحسابات ومواجهته بالقول أيها اللص لماذا كسرت الإناء؟! بل يجب فصل الحسابات والمواضيع عن بعضها. 5 ـ في الحالات التي تٍستيقن فيها السرقة ينبغي مواجهته بصراحة منذ اللحظة الأولى وارغامه على اعادة المسروق إلى موضعه، ولا ضرورة هنا لطرح أية مقدمة للموضوع. 6 ـ السعي نحو عدم قطع العلاقة معه في كل الظروف والأحوال، ولا يقال له على سبيل المثال: أنا أقطع علاقتي معك لأنك سارق. بل المطلوب هنا ارشاده إلى اصلاح ذاته مع الاحتفاظ بالعلاقة بين الطرفين. | |
|